الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **
*3* وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ امْسَحُوا عَلَى رِجْلِي فَإِنَّهَا مَرِيضَةٌ الشرح: قوله: (باب غسل المرأة أباها) نصوب على المفعولية، والدم منصوب على الاختصاص، أو على البدل، وهو إما اشتمال أو بعض من كل. ووقع في رواية ابن عساكر " غسل المرأة الدم عن وجه أبيها " وهو بالمعنى. قوله: (عن وجهه) في رواية الكشميهني " من وجهه " و " عن " في رواية غيره إما بمعنى من أو ضمن الغسل معنى الإزالة، وهذه الترجمة معقودة لبيان أن إزالة النجاسة ونحوها يجوز الاستعانة فيها كما تقدم في الوضوء، وبهذا يظهر مناسبة أثر أبي العالية لحديث سهل. قوله: (وقال أبو العالية) هو الرياحي بكسر الراء وياء تحتانية، وأثره هذا وصله عبد الرزاق عن معمر عن عاصم بن سليمان قال: دخلنا على أبي العالية وهو وجع فوضوؤه، فلما بقيت إحدى رجليه قال: امسحوا على هذه فإنها مريضة، وكان بها حمرة. وزاد ابن أبي شيبة " إنها كانت معصوبة". الحديث: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ سَلَامٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ وَسَأَلَهُ النَّاسُ وَمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَحَدٌ بِأَيِّ شَيْءٍ دُووِيَ جُرْحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي كَانَ عَلِيٌّ يَجِيءُ بِتُرْسِهِ فِيهِ مَاءٌ وَفَاطِمَةُ تَغْسِلُ عَنْ وَجْهِهِ الدَّمَ فَأُخِذَ حَصِيرٌ فَأُحْرِقَ فَحُشِيَ بِهِ جُرْحُهُ الشرح: قوله: (حدثنا محمد) قال أبو علي الجياني: لم ينسبه أحد من الرواة، وهو عندي ابن سلام. قلت: وبذلك جزم أبو نعيم في المستخرج. وقد وقع في رواية ابن عساكر " حدثنا محمد يعني ابن سلام ": قوله: (وسأله الناس) جملة حالية، وأراد بقوله " وما بيني وبينه أحد " أي عند السؤال، ليكون دل على صحة سماعه لقربه منه. قوله: (دوى) بضم الدال على البناء للمجهول، وحذفت إحدى الواوين في الكتابة كداود. قوله: (ما بقي أحد) إنما قال ذلك لأنه كان آخر من بقي من الصحابة بالمدينة كما صرح به المصنف في النكاح في روايته عن قتيبة عن سفيان، ووقع في رواية الحميدي عن سفيان " اختلف الناس بأي شيء دوى جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم " وسيأتي ذكر سبب هذا الجرح وتسمية فاعله في المغازي في وقعة أحد إن شاء الله تعالى. وكان بينها وبين تحديث سهل بذلك أكثر من ثمانين سنة. قوله: (فأخذ) بضم الهمزة على البناء للمجهول، وله في الطب " فلما رأت فاطمة الدم يزيد على الماء كثرة عمدت إلى حصير فأحرقتها وألصقتها على الجرح فرقأ الدم " وفي هذا الحديث مشروعية التداوي، ومعالجة الجراح، واتخاذ الترس في الحرب، وأن جميع ذلك لا يقدح في التوكل لصدوره من سيد المتوكلين. وفيه مباشرة المرأة لأبيها، وكذلك لغيره من ذوي محارمها، ومداواتها لأمراضهم، وغير ذلك مما يأتي الكلام عليه في المغازي إن شاء الله تعالى. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِتُّ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَنَّ الشرح: قوله: (باب السواك) هو بكسر السين على الأفصح، ويطلق على الآلة وعلى الفعل وهو المراد هنا. قوله (وقال ابن عباس) هذا التعليق سقط من رواية المستملي، وهو طرف من حديث طويل في قصة مبيت ابن عباس عند خالته ميمونة ليشاهد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، وقد وصله المؤلف من طرق: منها بلفظه هذا في تفسير آل عمران واقتضى كلام عبد الحق أنه بهذا اللفظ من أفراد مسلم وليس بجيد الحديث: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدْتُهُ يَسْتَنُّ بِسِوَاكٍ بِيَدِهِ يَقُولُ أُعْ أُعْ وَالسِّوَاكُ فِي فِيهِ كَأَنَّه يَتَهَوَّعُ الشرح: قوله: (عن أبي بردة) هو ابن أبي موسى الأشعري. قوله: (يستن) بفتح أوله وسكون المهملة وفتح المثناة وتشديد النون من السن بالكسر أو الفتح إما لأن السواك يمر على الأسنان، أو لأنه يسنها أي يحددها. قوله: (يقول) أي النبي صلى الله عليه وسلم، أو السواك مجازا. قوله: (أع أع) بضم الهمزة وسكون المهملة، كذا في رواية أبي ذر، وأشار ابن التين إلى أن غيره رواه بفتح الهمزة، ورواه النسائي وابن خزيمة عن أحمد بن عبدة عن حماد بتقديم العين على الهمزة، وكذا أخرجه البيهقي من طريق إسماعيل القاضي عن عارم - وهو أبو النعمان - شيخ البخاري فيه، ولأبي داود بهمزة مكسورة ثم هاء، وللجوزقي بخاء معجمة بدل الهاء، والرواية الأولى أشهر، وإنما اختلف الرواة لتقارب مخارج هذه الأحرف، كلها ترجع إلى حكاية صوته إذ جعل السواك على طرف لسانه كما عند مسلم، والمراد طرفه الداخل كما عند أحمد " يستن إلى فوق " ولهذا قال هنا " كأنه يتهوع " والتهوع التقيؤ، أي له صوت كصوت المتقيئ على سبيل المبالغة. ويستفاد منه مشروعية السواك على اللسان طولا، أما الأسنان فالأحب فيها أن تكون عرضا، وفيه حديث مرسل عند أبي داود، وله شاهد موصول عند العقيلي في الضعفاء وفيه تأكيد السواك وأنه لا يختص بالأسنان، وأنه من باب التنظيف والتطيب لا من باب إزالة القاذورات، لكونه صلى الله عليه وسلم لم يختف به، وبوبوا عليه " استياك الإمام بحضرة رعيته". الحديث: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ الشرح: قوله: (عن حذيفة) هو ابن اليمان، والإسناد كله كوفيون. قوله: (يشوص) بضم المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة، والشوص بالفتح الغسل والتنظيف، كذا في الصحاح. وفي المحكم الغسل عن كراع والتنقية عن أبي عبيد والدلك عن ابن الإنباري، وقيل الإمرار على الأسنان من أسفل إلى فوق، واستدل قائله بأنه مأخوذ من الشوصة وهي ريح ترفع القلب عن موضعه، عكسه الخطابي فقال: هو دلك الأسنان بالسواك أو الأصابع عرضا، قال ابن دقيق العيد: فيه استحباب السواك عند القيام من النوم لأن النوم مقتض لتغير الفم لما يتصاعد إليه من أبخرة المعدة، والسواك آلة تنظيفه فيستحب عند مقتضاه، قال: وظاهر قوله " من الليل " عام في كل حالة، ويحتمل أن يخص بما إذا قام إلى الصلاة. قلت: ويدل عليه رواية المصنف في الصلاة بلفظ " إذا قام للتهجد " ولمسلم نحوه، وحديث ابن عباس يشهد له، وكأن ذلك هو السر في ذكره في الترجمة. وقد ذكر المصنف كثيرا من أحكام السواك في الصلاة وفي الصيام كما ستأتي في أماكنها إن شاء الله تعالى. قوله: (باب دفع السواك إلى الأكبر) وقال عفان قال الإسماعيلي: أخرجه البخاري بلا رواية. قلت: وقد وصله أبو عوانة في صحيحه عن محمد بن إسحاق الصغاني وغيره عن عفان، وكذا أخرجه أبو نعيم والبيهقي من طريقه. قوله: (أراني) بفتح الهمزة من الرؤية، ووهم من ضمها. وفي رواية المستملي " رآني " بتقديم الراء والأول أشهر، ولمسلم من طريق علي بن نصر الجهضمي عن صخر " أراني في المنام " وللإسماعيلي " رأيت في المنام " فعلى هذا فهو من الرؤيا. قوله: (فقيل لي) قائل ذلك له جبريل عليه السلام كما سيذكر من رواية ابن المبارك. قوله: (كبر) أي قدم الأكبر في السن. قوله: (قال أبو عبد الله) أي البخاري (اختصره) أي المتن (نعيم) هو ابن حماد، وأسامة هو ابن زيد الليثي المدني، ورواية نعيم هذه وصلها الطبراني في الأوسط عن بكر بن سهل عنه بلفظ " أمرني جبريل أن أكبر " ورويناها في الغيلانيات من رواية أبي بكر الشافعي عن عمر بن موسى عن نعيم بلفظ " أن أقدم الأكابر " وقد رواه جماعة من أصحاب ابن المبارك عنه بغير اختصار أخرجه أحمد والإسماعيلي والبيهقي عنهم بلفظ " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن، فأعطاه أكبر القوم، ثم قال: إن جبريل أمرني أن أكبر"، وهذا يقتضي أن تكون القضية وقعت في اليقظة. ويجمع بينه وبين رواية صخر أن ذلك لما وقع في اليقظة أخبرهم صلى الله عليه وسلم بما رآه في النوم تنبيها على أن أمره بذلك بوحي متقدم، فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظ بعض. ويشهد لرواية ابن المبارك ما رواه أبو داود بإسناد حسن عن عائشة قالت " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن وعنده رجلان، فأوحى إليه أن أعط السواك الأكبر " قال ابن بطال: فيه تقديم ذي السن في السواك، ويلتحق به الطعام والشراب والمشي والكلام. وقال المهلب: هذا ما لم يترتب القوم في الجلوس، فإذا ترتبوا فالسنة حينئذ تقدم الأيمن، وهو صحيح، وسيأتي الحديث فيه في الأشربة، وفيه أن استعمال سواك الغير ليس بمكروه، إلا أن المستحب أن يغسله ثم يستعمله، وفيه حديث عن عائشة في سنن أبي داود قالت " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني السواك لأغسله فأبدأ به فأستاك ثم أغسله ثم أدفعه إليه " وهذا دال على عظيم أدبها وكبير فطنتها، لأنها لم تغسله ابتداء حتى لا يفوتها الاستشفاء بريقه صلى الله عليه وسلم، ثم غسلته تأدبا وامتثالا. ويحتمل أن يكون المراد بأمرها بغسله تطييبه وتليينه بالماء قبل أن يستعمله، والله أعلم. *3* وَقَالَ عَفَّانُ حَدَّثَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَرَانِي أَتَسَوَّكُ بِسِوَاكٍ فَجَاءَنِي رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ الْآخَرِ فَنَاوَلْتُ السِّوَاكَ الْأَصْغَرَ مِنْهُمَا فَقِيلَ لِي كَبِّرْ فَدَفَعْتُهُ إِلَى الْأَكْبَرِ مِنْهُمَا قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ اخْتَصَرَهُ نُعَيْمٌ عَنْ ابْن الْمُبَارَكِ عَنْ أُسَامَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ الشرح: قوله: (باب دفع السواك إلى الأكبر) وقال عفان قال الإسماعيلي: أخرجه البخاري بلا رواية. قلت: وقد وصله أبو عوانة في صحيحه عن محمد بن إسحاق الصغاني وغيره عن عفان، وكذا أخرجه أبو نعيم والبيهقي من طريقه. قوله: (أراني) بفتح الهمزة من الرؤية، ووهم من ضمها. وفي رواية المستملي " رآني " بتقديم الراء والأول أشهر، ولمسلم من طريق علي بن نصر الجهضمي عن صخر " أراني في المنام " وللإسماعيلي " رأيت في المنام " فعلى هذا فهو من الرؤيا. قوله: (فقيل لي) قائل ذلك له جبريل عليه السلام كما سيذكر من رواية ابن المبارك. قوله: (كبر) أي قدم الأكبر في السن. قوله: (قال أبو عبد الله) أي البخاري (اختصره) أي المتن (نعيم) هو ابن حماد، وأسامة هو ابن زيد الليثي المدني، ورواية نعيم هذه وصلها الطبراني في الأوسط عن بكر بن سهل عنه بلفظ " أمرني جبريل أن أكبر " ورويناها في الغيلانيات من رواية أبي بكر الشافعي عن عمر بن موسى عن نعيم بلفظ " أن أقدم الأكابر " وقد رواه جماعة من أصحاب ابن المبارك عنه بغير اختصار أخرجه أحمد والإسماعيلي والبيهقي عنهم بلفظ " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن، فأعطاه أكبر القوم، ثم قال: إن جبريل أمرني أن أكبر"، وهذا يقتضي أن تكون القضية وقعت في اليقظة. ويجمع بينه وبين رواية صخر أن ذلك لما وقع في اليقظة أخبرهم صلى الله عليه وسلم بما رآه في النوم تنبيها على أن أمره بذلك بوحي متقدم، فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظ بعض. ويشهد لرواية ابن المبارك ما رواه أبو داود بإسناد حسن عن عائشة قالت " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستن وعنده رجلان، فأوحى إليه أن أعط السواك الأكبر " قال ابن بطال: فيه تقديم ذي السن في السواك، ويلتحق به الطعام والشراب والمشي والكلام. وقال المهلب: هذا ما لم يترتب القوم في الجلوس، فإذا ترتبوا فالسنة حينئذ تقدم الأيمن، وهو صحيح، وسيأتي الحديث فيه في الأشربة، وفيه أن استعمال سواك الغير ليس بمكروه، إلا أن المستحب أن يغسله ثم يستعمله، وفيه حديث عن عائشة في سنن أبي داود قالت " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني السواك لأغسله فأبدأ به فأستاك ثم أغسله ثم أدفعه إليه " وهذا دال على عظيم أدبها وكبير فطنتها، لأنها لم تغسله ابتداء حتى لا يفوتها الاستشفاء بريقه صلى الله عليه وسلم، ثم غسلته تأدبا وامتثالا. ويحتمل أن يكون المراد بأمرها بغسله تطييبه وتليينه بالماء قبل أن يستعمله، والله أعلم. *3* الشرح: قوله: (باب فضل من بات على الوضوء) ولغير أبي ذر على وضوء. الحديث: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ ثُمَّ قُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ قَالَ فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَلَغْتُ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ قُلْتُ وَرَسُولِكَ قَالَ لَا وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ الشرح: قوله: (أخبرنا عبد الله) هو ابن المبارك، وسفيان هو الثوري، ومنصور هو ابن المعتمر. أن يكون مخصوصا بمن كان محدثا. ووجه مناسبته للترجمة من قوله " فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة " والمراد بالفطرة السنة. وقد روى هذا الحديث الشيخان وغيرهما من طرق عن البراء، وليس فيها ذكر الوضوء إلا في هذه الرواية، وكذا قال الترمذي. وقد ورد في الباب حديث عن معاذ بن جبل أخرجه أبو داود، وحديث عن على أخرجه البزار، وليس واحد منهما على شرط البخاري، وسيأتي الكلام على فوائد هذا المتن في كتاب الدعوات إن شاء الله تعالى. قوله: (واجعلهن آخر ما تقول) في رواية الكشميهني " من آخر " وهي تبين أنه لا يمتنع أن يقول بعدهن شيئا مما شرع من الذكر عند النوم. قوله: (قال لا ونبيك الذي أرسلت) قال الخطابي: فيه حجة لمن منع رواية الحديث على المعنى، قال: ويحتمل أن يكون أشار بقوله " ونبيك " إلى أنه كان نبيا قبل أن يكون رسولا، أو لأنه ليس في قوله " ورسولك الذي أرسلت " وصف زائد بخلاف قوله " ونبيك الذي أرسلت " وقال غيره ليس فيه حجة على منع ذلك، لأن لفظ الرسول ليس بمعنى لفظ النبي، ولا خلاف في المنع إذا اختلف المعنى، فكأنه أراد أن يجمع الوصفين صريحا وإن كان وصف الرسالة يستلزم وصف النبوة، أو لأن ألفاظ الأذكار توقيفية في تعيين اللفظ وتقدير الثواب، فربما كان في اللفظ سر ليس في الآخر ولو كان يرادفه في الظاهر، أو لعله أوحى إليه بهذا اللفظ فرأى أن يقف عنده، أو ذكره احترازا ممن أرسل من غير نبوه كجبريل وغيره من الملائكة لأنهم رسل لا أنبياء، فلعله أراد تخليص الكلام من اللبس، أو لأن لفظ النبي أمدح من لفظ الرسول لأنه مشترك في الإطلاق على كل من أرسل بخلاف لفظ النبي فإنه لا اشتراك فيه عرفا، وعلى هذا فقول من قال كل رسول نبي من غير عكس لا يصح إطلاقه. وأما من استدل به على أنه لا يجوز إبدال لفظ قال نبي الله مثلا في الرواية بلفظ قال رسول الله وكذا عكسه ولو أجزنا الرواية بالمعنى فلا حجة فيه، وكذا لا حجة فيه لمن أجاز الأول دون الثاني لكون الأول أخص من الثاني، لأنا نقول: الذات المخبر عنها في الرواية واحدة فبأي وصف وصفت به تلك الذات من أوصافها اللائقة بها علم القصد بالمخبر عنه ولو تباينت معاني الصفات، كما لو أبدل اسما بكنية أو كنية باسم، فلا فرق بين أن يقول الراوي مثلا عن أبي عبد الله البخاري أو عن محمد بن إسماعيل البخاري، وهذا بخلاف ما في حديث الباب فإنه يحتمل ما تقدم من الأوجه التي بيناها من إرادة التوقيف وغيره والله أعلم. (تنبيه) : النكتة في ختم البخاري كتاب الوضوء بهذا الحديث من جهة أنه آخر وضوء أمر به المكلف في اليقظة، ولقوله في نفس الحديث " واجعلهن آخر ما تقول " فأشعر ذلك بختم الكتاب والله الهادي للصواب. والله أعلم.
|